الحساسية وعلاقتها بالموادّ الكيميائية المُستعملة في المنزل

كثيرًا ما يتسبّب غبار المنزل، عثّ الغبار وشعر الحيوانات الأليفة في إصابة الإنسان بحالات الحساسية الشّائعة التي ينتج عنها فقدانٌ لحاسّة الشّم، نوبات العطس، وسيلان الأنف والعينيْن. ولكن، هل توجد مُسبّباتٌ أخرى لحالات الحساسية؟ يعتقد معظم النّاس أنّ الحفاظ على نظافةٍ مثالية للمنزل سيساعدهم في تقليص احتمالات إصابتهم بالحساسية. ومع هذا، يبدو أنّ بعض الدّراسات العلمية التي أُجريّت بخصوص هذا الموضوع لا تشاطرهم نفس الرّأي. فالاهتمام المبالغ فيه بالجانب الصحّي من حياتنا قد يحمل بجعبته آثارًا سلبية على صحّتنا بطرقٍ عديدة ومختلفة.
إضعاف الأجهزة المناعية
هناك "فرضية صحّية" تخضع حاليًا لدراسةٍ معمّقة ضمن البحوث العلمية التي تُسلّط الضّوء على إمكانية تطوير قدراتنا المناعية بتعريض أنفسنا للبكتريا والميكروبات المجهرية. فبعض أنواع الميكروبات على غرار الدّودة الطفيلية على وجه الخصوص مفيدةٌ جدًّا في تطوير آليات الدفاع المناعي لدى الإنسان.
من المُقلق فعلًا أن نتخلّص من جميع الميكروبات الموجودة في منازلنا لكي نجعلها نظيفةً وصحّية قدر المستطاع، ونحن غير مدركين لتسبّبنا في رفع مخاطر الإصابة بحالات الحساسية؛ بسبب عدم منحنا فرصة التّطور والنّمو بشكلٍ صحيح لأجهزتنا المناعية.
في المُجتمعات الزّراعية الأوربية أين يتعرّض الأطفال يوميًا لمستويات عالية من الغبار والأوساخ والحيوانات، تمّ تسجيل مستوياتٍ منخفضةٍ جدًّا في عدد الإصابات بالحساسية.
يبدو أنّ للنّساء الحوامل اللواتي يعشن في المناطق الرّيفية قدرةٌ أكبر على تطوير الأجسام المضادة بشكلٍ طبيعي؛ وهو ما يُساهم في تقليص مخاطر إصابتهن بالحساسية. وفي دراساتٍ أخرى أُجريّت على أشخاصٍ تمّ تعريضهم لمنظّفات المنازل والبخّاخات بشكلٍ منتظم، تمّ تسجيل ارتفاع ملموسٍ في عدد الإصابات بحالات الحساسية لديهم.
مُسبّبات الحساسية المُختبئة داخل منتجات التّنظيف
تُسوَّق معظم منتجات التّنظيف المنزلية لغرض إزالة جميع الميكروبات المجهرية، ونشر روائحها المُنعشة عبر أرجاء المنزل. ولكنّ المكوّنات المسؤولة عن أداء هاته الوظائف قد تكون من مُسبّبات الحساسية.
تترأّس مُعطّرات الجوّ قائمة المواد الكيميائية المُسبّبة للحساسية. حيث تشمل بعض المكوّنات التي تحتويها تلك المُعطّرات كلًّا من الفتالايت (الفثالات) ومركّبات عضوية طيّارة أخرى على شاكلة الفورمالديهايد، الإيثانول والبوتان.
المركّبات العضوية الطيّارة هي عبارةٌ عن أدخنة غازية تُفرزها بعض منتجات التّنظيف من شأنها تهييج الأغشية المخاطية والتّأثير على عملية التّنفس. الاتّصال الجسدي بتلك المواد الكيميائية من شأنه أن يتسبّب أيضًا في حدوث تهيّجات جلدية، كما أنّ الأشخاص الذين يستعملون مواد التّنظيف الكيميائية بشكلٍ منتظم في عملهم؛ كعمّال النّظافة مثلًا، تشهد مخاطر الإصابة بحالات الحساسية لديهم ارتفاعًا كبيرًا يبلغ مستوياتٍ قياسية.
أوضحت إحدى الدّراسات أنّ البالغين الذين لم يعانوا قطّ من الرّبو، سرعان ما أصبحوا يعانون من مشاكل تنفسية بمجرّد استعمالهم لمنظفات المنازل الكيميائية البخّاخة لمرّةٍ واحدة أسبوعيًا على الأقلّ.
مواد التّنظيف الكيميائية الشّائعة التي من شأنها التّسبب في الإصابة بحالات الحساسية
المواد الكيميائية على غرار النّشادر مثلًا والمُبيّضات هي مكوّنات حاضرةٌ دائمًا في منظّفات المنازل. تتّسم هذه المكوّنات بفعّالية كبيرة في التّخلص من الأوساخ والبكتريا، ولكنّها تُفرز أدخنةً ضارّة يُمكن لمقدارٍ صغيرٍ منها أن يتسبّب في إحداث ردود فعل تحسّسية.
تحتوي العديد من البخّاخات الدخّانية على مواد كيميائية نذكر من بينها أحادي الإيثانولامين أو ثنائي البوتوكسيثانول المُدرجيْن ضمن قائمة السّموم العصبية والمواد المسرطنة المُحتملة. هذا ويكمن الخطر الحقيقي المرتبط بتلك المنتجات في جهل العديد من النّاس للأخطار المترتّبة عن بقايا المواد الكيميائية وكيفية تأثيرها على الصحّة.
الأطفال والرّضع على وجه الخصوص هم الأكثر عرضةً لتلك المخاطر بسبب بُنيتهم المورفولوجية الصّغيرة. فالرّضع ميّالون أكثر للزّحف على الأرضيات ولمس الأسطح؛ وهو ما يعني تعريض أنفسهم بشكلٍ أكبر للمخاطر النّاتجة عن التّعرض للمواد الكيميائية.
تأثير المنظّفات المنزلية على الصحّة
حسب الإحصائيات التي أعلن عنها المركز الأمريكي للسموم، المواد الكيميائية المنزلية مسؤولةٌ عن 90% من حالات التّعرض للسموم المعلن عنها. وفي الوقت الذي يدّعي فيه المُصنّعون سلامة المواد الكيميائية عند استعمالها في المنزل، نشهد غيابًا تامًّا للقوانين الرّادعة التي تفرض ضرورة التّحقق من صحّة تلك الادّعاءات على أرض الواقع.
وبناءً عليه، تتجلّى الحقيقة في جهلنا للتأثير الحقيقي الذي تُسبّبه المواد الكيميائية على صحّتنا. إذ يُشير المنطق التّطبيقي إلى إمكانية وجود خطرٍ محتمل يرتبط بالتّعرض المستمر للمواد الكيميائية غير الطّبيعية. إن أردت مثلًا رشّ النّباتات بماءٍ يحتوي على مواد كيميائية، فمن المُحتمل أن تصبح نباتاتك هشيمًا تذروه الرّياح. لماذا إذًا نعتقد نحن كبشر أنّنا في منأى عن التّأثيرات التي تُسبّبها تلك المواد الكيميائية؟
قبل قرونٍ خلت، لم يكُ أجدادنا يمتلكون هذه المنظّفات الكيميائية المعقّدة، ولكنّهم تمكّنوا من الحفاظ على نظافة منازلهم. كما أنّ الأشخاص الذين عاشوا قبل 50 سنة فقط؛ كانوا قلّما يُصابون بحالات الحساسية. ربّما يكمن سبب ذلك في استعمالهم لمنتجات عضوية طبيعية كالخلّ مثلًا، عصير الليمون وشمع النّحل لتنظيف منازلهم عوض المواد الكيميائية القوية.
تُشير الأخبار السّارة إلى توفّر منتجات تنظيفٍ عضوية في الوقت الرّاهن، وأنّ استعمالها سيساعدكم على تقليص حجم التّعرض للمواد الكيميائية في منازلكم بشكلٍ كبير جدًّا. اكتشفوا المزيد عن تشكيلة مُنظّفات أرض الطّبيعة الجديدة والعضوية – ناتورا.
© جميع الحقوق محفوظة لأرض الطبيعة 2016